الأربعاء، 9 يونيو 2010



شهدت المنطقة أمس، حراكاً دبلوماسياً مكثفاً على خلفية الحصار على غزة، وتركز هذا الحراك في تركيا ومصر، فبينما شهدت إسطنبول لقاءات بين الرئيسين السوري بشار الأسد والفلسطيني محمود عباس مع المسؤولين الأتراك، أجرى الرئيس المصري محادثات مع نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن تطرقت إلى فك الحصار عن غزة، وأعلنت الجامعة العربية أن أمينها العام سيتوجه إلى القطاع المُحاصَر قريباً.
أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس السوري بشار الأسد في إسطنبول، قبيل افتتاح «مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا»، أن بلاده مستعدة لأداء دور نشيط للتوصل الى مصالحة بين حركتَي «فتح» و»حماس» الفلسطينيتين، مشيراً الى أنه حصل على تفويض من المسؤولين في حركة «حماس» للمضي في هذا الأمر.
وقال أردوغان: «أعتقد أننا نستطيع التوصل الى السلام. ولكن من أجل ذلك، لابد من أن يؤيد كلّ الأطراف السلام، على حماس أن تدعم السلام وعلى فتح أن تدعم السلام»، وأضاف: «أعطانا المسؤولون في حماس التفويض الضروري في هذه القضية، وقالوا لنا انهم يريدون حل المشكلة، سنجري قريبا محادثات مع فتح لنرى ما اذا كنا نستطيع الحصول على المقاربة نفسها».
وشدد رئيس الوزراء التركي على ضرورة عدم نبذ «حماس»، التي تعتبرها بلدان عدة منظمة إرهابية، واعتبر أن «القول ان فتح هي منظمة يمكن التفاوض معها وأن حماس منظمة إرهابية خطأ كبير».
وجدد أردوغان تأكيده أن «الحجج الإسرائيلية حول الاعتداء على أسطول الحرية لا تقنع أحداً وهي واهية، وما قامت به إسرائيل هو عمل إجرامي»، مشيرا الى أن تل أبيب «تحاول التغطية على هذه الجريمة، معتمدةً على من يدعمها ويشجعها على مثل هذه الأعمال».
ودعا إلى «تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في الهجوم»، وأكد أن «إسرائيل ستدفع ثمن شهداء أسطول الحرية».
الأسد
وأكد الأسد أن «العدوان الإسرائيلي على أسطول الحرية جريمة بشعة»، وأن «إسرائيل قامت بعملية قتل للمتضامنين مع سبق الإصرار والتصميم بشكل مخطط».
ورأى الرئيس السوري أن «الجريمة الإسرائيلية ضد أسطول الحرية كان هدفها أن تدفع تركيا ثمن تعلقها بالسلام»، معتبراً أن «الهجوم كان موجهاً ضد الشعب التركي ومواقفه بدءاً من حرب العراق».
وذكر الأسد أن «الدماء العربية امتزجت مع الدماء التركية في غزة، من خلال القضايا التي بُذلت من أجلها، لتشكل علامة فارقة في تاريخ المنطقة وجغرافيتها»، معتبراً أن «هذا التمازج في الدماء سيكسر الحصار المفروض على غزة رغم أنف إسرائيل، وسيفرض عليها حجراً صحياً وسيضعها داخل الحصار».
وأشار الأسد الى أن «إسرائيل كانت تريد من تركيا أن تقول في نهاية المفاوضات غير المباشرة، إن الطرف العربي هو الذي يعرقل السلام، لكن استجابة سورية السريعة للمبادرة التركية فضحت إسرائيل وأظهرت للعالم أنها تعرقل السلام، لا الطرف السوري ولا الطرف العربي».
وأكد أن «سورية مستعدة للسير دون تردد في أي إجراءات تقررها تركيا حكومةً وشعباً، رداً على الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية ومنعاً للعربدة الإسرائيلية».
عباس
وكان أردوغان التقى في وقت سابق أمس، الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يزور إسطنبول، قبل لقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن اليوم.
والتقى عباس أيضا نظيريه التركي عبدالله غول والأذري حيدر علييف.
وقال عباس خلال لقائه غول إن العالم بأسره سمع بمعاناة الفلسطينيين بعد الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية» الذي قُتل فيه تسعة أتراك، مضيفاً أن الحصار الإسرائيلي يتواصل ليس على غزة فحسب بل على الضفة الغربية أيضاً.
داوود أوغلو
وحذرت تركيا أمس، من أنها لن تُجري مصالحة مع إسرائيل إذا لم توافق على فتح تحقيق دولي بشأن هجومها على «أسطول الحرية».
وأكد وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أنه «إذا أعطت إسرائيل موافقتها على إنشاء لجنة تحقيق مستقلة تحت إشراف الأمم المتحدة، فستسلك العلاقات الثنائية بالتأكيد اتجاها آخر»، محذراً من أنه «إذا استمر الإسرائيليون في التملص من ذلك، فلن يكون من الوارد تطبيع العلاقات التركية - الاسرائيلية».
ودان داوود أوغلو ووزيرا خارجية باكستان محمود قريشي وأفغانستان زلماي رسول، في بيان مشترك أصدروه خلال لقائهم أمس على هامش «مؤتمر التفاعل وإجراءات بناء الثقة في آسيا»، الهجوم الإسرائيلي وقدموا التعازي لأسر الضحايا. 
طهران
أعلن مدير الشؤون الدولية في جمعية الهلال الأحمر الإيراني عبدالرؤوف أديب زاده أمس، أن سفينتين إيرانيتين تحملان مساعدات إنسانية ستتوجهان الى غزة نهاية الأسبوع الجاري.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «ارنا» عن أديب زاده قوله: «بعد هجوم قوات الاحتلال الصهيوني على قوافل المساعدات الإنسانية الى غزة، قررت جمعيه الهلال الأحمر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية إرسال مساعدات إنسانية الى غزة «.
وأضاف أنه تقرر «إرسال سفينتين الأولى تحمل مساعدات إنسانية، والثانية تحمل عمال إغاثة تابعين لجمعيه الهلال الأحمر لمساعدة أهالي غزة المظلومين».
وأوضح ان المساعدات الإنسانية تشمل المواد الغذائية والدواء والأجهزة الطبية، مشيرا الى أنه کان من المقرر أن يتم إرسال السفينتين عبر بلد وسيط، لكن تقرر ان يتم إرسالهما بشكل مباشر من قِبل إيران. كما أضاف ان الهلال الأحمر الإيراني سيرسل «طائرة محملة بـ30 طنا من المساعدات الانسانية الى غزة عبر مصر».
وقال زاده إن «المتطوعين الذين يريدون الذهاب الى غزة ومساعدة شعب فلسطين المحتلة المستضعف، يمكنهم تسجيل اسمائهم على موقع الهلال الأحمر».
وذكرت وكالة الأنباء «فارس» نقلا عن مسؤول في الهلال الاحمر، أن عشرين الف متطوع سجلوا في الايام الثلاثة الاخيرة للمشاركة في الرحلة.
مبارك وبايدن
انتهت مباحثات الرئيس المصري حسني مبارك أمس، مع نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في شرم الشيخ، الى توافق مصري-أميركي على ضرورة التوصل الى صيغة لرفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، مع مراعاة الضمانات الكافية لأمن إسرائيل ومنها وقف تهريب السلاح إلى القطاع.
وأكد مبارك عقب لقاء بايدن أن «مصر طالبت بضرورة الإسراع برفع الحصار عن أبناء غزة، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة»، مشدداً على «ضرورة الإسراع في التوصل إلى حلّ سلمي عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يكفل إقامة الدولة الفلسطينية».
من ناحيته، قال بايدن في بيان منفصل إن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما «تبحث مع مصر وشركائنا الآخرين، وسائل جديدة للتعامل مع الوضع السياسي والإنساني والاقتصادي والأمني في غزة». وقالت مصادر أميركية في القاهرة لـ»الجريدة»، إن «لقاء مبارك وبايدن، تناول عدة مقترحات لتخفيف الحصار عن غزة، وسط رغبة مصرية في إطالة أمد فتح معبر رفح».
وذكرت المصادر أن واشنطن لا تعترض على أي أفكار تصب في مصلحة إخراج عملية السلام من جمودها الحالي، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة.
معبر رفح
أكد مسؤول أمني مصري، طلب عدم ذكر اسمه، في لقاء مع مجموعة من الصحافيين من بينهم صحافية من «وكالة فرانس برس» أمس، أن «مصر فتحت معبر رفح ولن تغلقه اذا لم تحدث أي انتهاكات من الجانب الآخر للحدود».
ولكن المسؤول أشار في الوقت نفسه الى أن «المعبر يمكن أن يفتح للأبد اذا حدثت مصالحة»، معتبراً أن «حركة حماس تتحمل مسؤولية إخفاق المصالحة، لأنها تريد أن نغير الورقة المصرية للمصالحة، لكننا لن نغيرها».
وقال المسؤول المصري إن بلاده «لن تتخلى عن مليون ونصف مليون فلسطيني، ومعبر رفح للناس، وليس لدينا مشكلة في أن يخرج الناس ويدخلوا، اما البضائع من نوع الاسمنت والحديد فستدخل عن طريق معبر كرم أبوسالم الواقع على الحدود المصرية-الإسرائيلية بالقرب من الحدود بين مصر وغزة».
وأوضح أن «إسرائيل لا تعترض على دخول الأسمنت والحديد، لكنها لا تريد أن تذهب هذه البضائع الى حركة حماس، وتريد أن يتم تسليمها الى المفوضية العليا لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) لتتولى توزيع الاسمنت والحديد لاستخدامها في البناء».
موسى إلى غزة
أعلنت الجامعة العربية أمس، أن أمينها العام عمرو موسى سيقوم الأسبوع المقبل بزيارة تضامنية الى قطاع غزة على رأس وفد من الجامعة بعد طول امتناع، بهدف كسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليه.
وأكدت مصادر في الجامعة لـ»الجريدة»، أن موسى لم يكُن ليقدم على هذه الزيارة الأولى من نوعها إلا بعد ضوء أخضر وتوافق عربي ودولي، مرجحة أن تتم الزيارة الاثنين المقبل الموافق 14 يونيو الجاري.
وقال السفير هشام يوسف رئيس مكتب الامين العام للجامعة العربية، إن المصالحة الفلسطينية ستكون على رأس القضايا التي سيبحثها موسى مع حركة حماس التي تسيطر على غزة.
كوشنير
اقترح وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير قيام الاتحاد الأوروبي بتفتيش سفن الشحن المتجهة الى غزة كوسيلة لوضع حد للمواجهات المستمرة بين البحرية الإسرائيلية وسفن المساعدات الانسانية، وذلك خلال محادثاته مع وزير الخارجية البريطاني وليام هاغ ليل الأحد-الاثنين، وأعرب كوشنير وهيغ عن تأييدهما لدور دولي في التحقيق في الهجوم الإسرائيلي على «أسطول الحرية».
إسرائيل
وأعلنت إسرائيل أمس، أنها ستحقق في الهجوم الذي شنته قواتها على «أسطول الحرية»، وستبحث في وسائل بديلة لتنفيذ حصارها للقطاع.
وأعلن وزير الدفاع إيهود باراك عن اجراء التحقيق خلال جلسة برلمانية عقدت أمس ردا على اقتراح بسحب الثقة قدمته أحزاب معارضة بسبب الهجوم  على «أسطول الحرية»، وذلك بعد أن رفضت الحكومة الإسرائيلية اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الحادث.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق